أنشطة تربوية

الشعلة والسؤال التربوي: نحو رؤية متجددة لعملنا التربوي

إن موقع جمعية الشعلة للتربية و الثقافة في المشهد الجمعوي، وغنى عطائها واجتهاداتها لتقديم الخدمات التربوية لفائدة الطفولة و الشباب، على امتداد ثلاثين سنة ، و وفق رؤية محددة ، جعلها دوما مرتبطة باختياراتها التي أقرتها ضمن مشروعها التربوي، منذ تأسيسها وعبر مختلف محطات مؤتمراتها الوطنية ولقاءاتها التقريرية و الدراسية…الهادف إلى ترسيخ قيم التسامح، الديمقراطية، والمواطنة، التعدد و الإختلاف، و قيم حقوق الإنسان…من خلال الاستجابة لانتظارات فئة عريضة من طفولة و شبيبة المجتمع المغربي، حيث شكلت هذه القيم جزءا أساسيا من هوية الجمعية، و ساهمت في صياغة و تحديد رؤيتها للمجتمع الذي تعيش فيه و الذي يفرض حتمافهم آلياته و قنواته واستيعاب تناقضاته، حتى تتمكن من صياغة اجتهادات و مبادرات تناسب هذا الواقع الاجتماعي.

إن العملية التربوية بالنسبة للشعلة تعتبر جزءا من التنشئة الاجتماعية، تبقى مرتبطة بأهمية مؤسسات تربوية أخرى: الأسرة، المدرسة، الشارع…وهو ما يجعل مفهومنا للتربية داخل الشعلة مفهوما شموليا، ينطلق من واقع مجتمعنا التاريخي، والثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، لاستعابه و وعي تناقضاته وتمظهراته، لتأسيس فعل تربوي حداثي يستجيب لخصوصية المجتمع المغربي و لا يلغي الخصوصية العالمية و الكونية.

إن تنوع ممارستنا التربوية وغناها بمختلف الفضاءات، هوالذي جعلنا في صلب الاهتمام بالسؤال التربوي في شأن وضع و آفاق طفولتنا و شبيبتنا، في ارتباط مع التحولات المجتمعية المحلية و العالمية ، وانعكاساتها على مختلف المستويات: الصحة، التعليم، تراجع دور الأسرة المغربية، تهميش الطفولة و الشباب…، حيث لم يعد للطفولة والشباب متسع من الوقت للفرجة و المتعة و اللعب والتواصل …باعتبار هذه المتطلبات إحدى مقومات شخصية الطفل.

لقد شكلت التحولات المجتمعية و العالمية المتسارعة، والتطور الكبير لوسائل الاتصال وظهور تدفق إعلامي كبير، لحظة حاسمة لتجديد الاهتمام بالسؤال التربوي و قضايا التنشيط التربوي، التي تحتاج إلى تطوير دائم، ومستمر لملائمة تطور عقلية طفولتنا وشبيبتنا وتطوير الممارس منها لأجل توحيد مرجعياتها . فأمام هذه التحولات الجديدة و البارزة، و أمام بروز قيم دخيلة وانمحاء أخرى أصيلة، وأمام محدودية الفضاءات إذا لم نقل انعدامها المخصصة للطفولة و الشباب: دور الشباب، فضاءات الترفيه، مركبات ثقافية واجتماعية..، أصبح من الضروري اليوم دمج التقنيات الحديثة للتنشيط المعتمدة على المعرفة والإعلاميات، ونوادي متخصصة، مع التركيز على مناشط أخرى أساسية كالمسرح، الكركوزة، الميم، والتنشيط الثقافي…، وهي أمور مرتبطة بعناصر أخرى كالفضاء، البنية التحتية، خاصة التجهيزات الأساسية لضمان مردودية تربوية أفضل للعملية التربوية مع الأطفال و اليافعين، علما أن العملية ترتكز على عنصرين أساسيين هما: الاستمرارية والاستقرار سواء بالنسبة للأطر التربوية أو الفئة المستهدفة ( الأطفال و اليافعين )، أوالوسائل والمناهج المتبعة والمتوفرة.

إن تراكم ثلاثون سنة من العمل والعطاء في الجانب التربوي سواء داخل مؤسسات دور الشباب، أو المؤسسات التعليمية ، أو المخيمات الصيفية…، ساعد الجمعية على إعادة مقاربة مشروعها التربوي انطلاقا من رصد تحولات المجتمع المغربي في علاقته بالمحلي و الدولي، والذي يفرض تبدل القيم بوتيرة سريعة، كما يفرض علينا – باعتبارنا مكونا أساسيا للحركة الجمعوية، تشتغل في حقل التنشئة الاجتماعية وفق رؤية محددة و واضحة كما سبق ذكره – اليوم نقاشات متجددة لصياغة آليات و أدوات تمكن من تحسين البنية التي يعيش فيها الأطفال و الشباب، و إبراز طاقاتهم، وتفجير مواهبهم وإدماجهم في المجتمع لمواكبة التحولات الحاصلة على مستوى التنشيط السوسيوثقافي، وامتلاك القدرة للإصغاء والإمساك بحاجيات، وتطلعات الأطفال والشباب، انسجاما مع خيار انتمائنا إلى المفهوم الحديث للتنشئة الاجتماعية باعتبارها نتاج تواصل غني و تفاعل كثيف في الاتجاهين: طفل مجتمع ومجتمع طفل.

فتأسيسا على ما سبق و في ظل هذا الوضع:

– ما هو موقع السؤال التربوي اليوم ضمن اهتماماتنا التربوية والسياقات المجتمعية؟ وما هي المضامين التربوية التي نروم تصريفها لفائدة الأطفال و اليافعين؟،

– كيف نطور مضمون العملية التربوية داخل الجمعية؟ وكيف ننتقل إلى فضاءات أخـــرى عـــبر آليات جديدة للعـمل؟ وما هو موقع ممارستنا التربوية في ظل بروز محاور و مناشط جديدة : التربية على المواطنة، التربية على حقوق الإنسان..؟ و ما هي السبل لترسيمها ضمن برامجنا التربوية؟،

– ماهو دور العنصر البشري في العملية التربوية؟ و ماهي الإمكانيات الفكرية والذاتية لأطرنا التربوية ومستواها المعرفي، لاستيعاب تصور الجمعية للعمل على تصريفه وتطوير الممارسة التربوية؟،

– كيف نتصور أطرنا وأعضائنا بمختلف مسؤولياتهم دون ضمان استمرار عملهم مع الأطفال و اليافعين، ودون تطويرمستواهم المعرفي و الثقافي؟،

– ماهي درجة الاستفادة من تراكم ثلاثون سنة من الممارسة والعطاء في الجانب التربوي بانـجازاتها و إخــفاقاتها؟ وما هي درجة الاستفادة من التنوع الجغرافي والثقافي و التراكمات المحلية لفروع شبكة الجمعية؟

– ماهي درجة استجابتنا لانتظارات الطفولة والشباب؟ وكيف نضمن التواصل بين الأجيال من مختلف الفئات : أطفال، يافعين…؟ وكيف نستحضر العمل التربوي داخل المؤسسات التربوية: دور الشباب، المؤسسات التعليمية، المخيمات الصيفية،…؟،

– ماهي العلاقة الممكن تصورها ما بين عملنا التربوي اليومي داخل فضاء دور الشباب و وفضاء المخيم؟ وماهي الاستراتيجية الواجب اتباعها لتطوير الممارسة التربوية داخل فضاء المخيم؟،

– ألا يتوجب على الجمعية توجيه مجهودات أعضائها في البحث التربوي العلمي لتغذية حقل التنشيط السوسيوثقافي لإغناء مجال عملها وكيف السبيل إلى ذلك؟،

– ماهي درجة حضور الثقافي ضمن اهتماماتنا التربوية؟ و كيف السبيل إلى صياغة برامج تنشيطية تربوية ثقافية تستجيب لانتظارات طفولتنا و شبيبتنا؟.

إنها أسئلة أساسية تتطلب منا جميعا المساهمة في إغنائها ، والبحث عن أجوبة مستحضرين تجربة الجمعية لمدة ثلاثين سنة من العمل و الإبداع و الاجتهاد من جهة، وتجاربنا المحلية المتميزة من جهة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى