أية رهانات للعمل التربوي و الثقافي في ظل الجهوية الموسعة؟
تقرير أولي حول الجـامعة الشـتويـة للعمل التربوي في موضوع
المنعقدة بفاس- أيام 3.2.1 فبراير 2013
نظمت جمعية الشعلة للتربية والثقافة الجامعة الشتوية الثانية للأطر التربوية، كتقليد يطبع ممارسة الشعلة تحت شعار أساسي له حمولته وراهنيته: “أية رهانات للعمل التربوي والثقافي في ظل مقترح الجهوية الموسعة” لفائدة 80 مستفيدة ومستفيدا يمثلون 14 جهة مهيكلة ضمن النسيج التنظيمي للشعلة. وذلك أيام: 1-2 و3فبراير2013 بمركز الإستقبال فاس القدس بمدينة فاس.
فعاليات هذه الجامعة كانت غنية وخصبة بمناقشاتها ومداولاتها الهامة، في إرتباط مع الموضوع العام لهذه الدورة، الجلسة الإفتتاحية التي إنعقدت يوم الجمعة 1 فبراير 2013 بدار الشباب القدس على الساعة الخامسة مساء، تميزت بكلمة الجمعية التي ألقاها الأستاذ محمد أمدي رئيس الجمعية، الذي أكد على الأهمية التي توليها جمعية الشعلة للجهوية في إرتباط بمجالات تدخلها التربوية والثقافية ،مبرزا مقترحات الجمعية إبان صياغة الدستور الجديد التي قدمتها أمام اللجنة الاستشارية للدستور، معتبرا أن الفكر هو منطلق كل تغيير، والشعلة تتفاعل مع كل المبادرات الهادفة إلى تطوير كل ماهو ثقافي وتربوي.
الأستاذ أحمد شراك الكاتب والباحث السوسيولوجي تطرق في الدرس الإفتتاحي للجامعة إلى رهانات الثقافة والتربية على ضوء الجهوية الموسعة، وهو سؤال مركزي واستراتيجي، ومحددا إشكالية المداخلة في سؤال الرهانات؟ أي بأي معنى الجهوية الموسعة ستساهم في بناء وتطوير الثقافة والتربية؟ أو هل يمكن الحديث عن ثقافة وتعليم أكثر استفادة من الجهوية ؟ وأشار إلى أن الرهانات هنا مطروحة بشكل ماكر ولكنه مكر إيجابي.. واستطرد الأستاذ شراك بأن الجهوية رهان استراتيجي على درب الحداثة والتقدم، وقدم بعض الفرضياتللإجابة على الإشكالية المطروحة: رهانات الثقافة والتربية والجهوية الموسعة، منطلقا من ملامسة الإشكال المتعلق بقطاعي التربية والتعليم، أو بأي شكل ستفيد الجهوية الموسعة هذين القطاعين، وهو سؤال مقلوب يتعلق بعلاقة الكل بالجزء ،أو علاقة الجزء بالجزء، وعلاقة الجزء بالكل؟ مؤكدا على أن أكبر الرهانات على المستوى التعليمي هو التفكير مليا في الخطاب المدرسي مع علاقته بخصوصية كل جهة البشرية منها والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والجغرافية ،وفي هذا الصدد فنظامنا التعليمي مطالب بثورة كوبرنيكية على مستوي كل جهة يضمن خطابا متناغما مع التنمية، وجامعيا يجب ربط الجامعة بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي.وعلى المستوى الثقافي إنطلق الأستاذ شراك من سؤال التعدد اللغوي بغض النظر عن الثنائية اللغوية المسطرة في الدستور، متسائلا ما مصير اللغة التي يتداولها الناس؟مبرزا دور المجتمع المدني الثقافي في ظل الجهوية الموسعة، ومدى تفاعله معها ومع الديمقراطية المحلية ،وأن أكبر مجال للتنافسية فهو المجال الثقافي، وهي تنافسية غير معلنة بين الجهات من خلال المهرجانات الثقافية ، وانتقل السوسيولوجي أحمد شراك إلى سرد بعض المشاكل الممكنة والمتعلقة بأمننا الثقافي والسياسي، حيث على المستوى التربوي هناك مشكل عويص يتعلق بالهدر المدرسي الذي لا يقل عن البطالة، ويعيد إنتاج الأمية ، وهل للجهوية أن تحد من هذه الظاهرة في ظل نطاق جغرافي معين يمكن القبض عليه؟، ويمكن للفواعل الذاتية أن تفعل فعلها ،كما لعامل التنافسية أن يفعل نفس الشىء ، والمشكلة الثانية هي مشكلة القراءة والمشاهدة الثقافية معتبرا عدم وجود مراكز ثقافية ومسارح، مشكلة كبرى تتعلق باختيارات سياسية وثقافية. وقدم المحاضر خلاصة عامة معتبرا أن الجهوية ليس جوابا تكتيكيا لمعضلة وطنية تتعلق بأقاليمنا الجنوبية، بل هو خيار حداثي وديمقراطي،وهي بهذا المعنى خيار استراتيجي مؤكدا أن الجهوية الموسعة معها الخير كله،وتسمح ببروز نخب محلية وجهوية ومدنية، قادرة على أن تنعكس سياساتها العمومية على المستوى الجهوي بالخير على ماهو ثقافي وتربوي ومجتمعي .
العرض الأول :ضمن العروض النظرية في الجامعة الشتوية تضمن عرضا في موضوع:” الجهوية الموسعة ومهام الحركة الجمعوية اليوم” وقام بتأطيره الأستاذ عبد الرحمان العمراني صحفي وأستاذ بكلية الحقوق بفاس سابقا ،
تم تقديمه صبيحة يوم السبت 2 فبراير على الساعة التاسعة صباحا، وانطلق المحاضر في عرض المكتسبات الأساسية التي جاءت بها مقترح الجهوية الموسعة ومنها:القطع مع المقاربة الأمنية ،ونهاية النقاش العقيم حول نموذج الجهوية،وبداية العمل في الوثيقة الدستورية كحوض للتنمية،والتفكير بمنطق التوازن وعدم تركيز التنمية في مناطق معينة،و تعزيز الشراكة وتشجيع مبدأ مراقبة النتائج،وتدعيم الثنائية القطبية ،والإنتخاب بالإقتراع المباشر لأعضاء الجهة، وإعطاء صلاحيات أوسع للمنتخب وليس المعين،ومحاولة التمفصل في التقطيع بين ماهو تنموي وماهو ثقافي،والربط الحاصل مابين جهوي والاتركيز،والتشجيع على الديمقراطية التشاركية. ثم انتقل عبد الرحمان العمراني بعد ذلك للحديث عن كيفية إشراك الجمعيات في التنمية الجهوية، وتحدث عن المهام الأساسية المطروحة على عاتق النسيج الجمعوي في بلورة مشروع الجهوية الموسعة، حيث على الجمعيات أن تكون قاطرة في النقاش العمومي حول الجهوية الموسعة،ثم بناء الهويات الجهوية ومساهمة الجمعيات في توضيح بين ماهو ثقافي وماهو تنموي، كما أن الجمعية عليها أن تكون قوة اقتراحية في قضية آليات التضامن بين الجهات وطرقه بشكل يخدم المجتمع،وأخيرا حماية الديمقراطية التشاركية وبالتالي حماية المجتمع المدني.
العرض الثاني:الذي انطلق مباشرة بعد استراحة شاي على الساعة 11.00 وتناول فيه الأستاذ إدريس كثير، أستاذ الفلسفة بكلية الأداب ظهر المهراز بفاس، وتناول فيه موضوع” مستقبل العمل التربوي في ظل التحولات الراهنة منطلقا في مقاربته للعمل التربوي في تجلياته المتشعبة ومركزا على أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية في نشر قيم تربوية تليق بمستقبل الأجيال القادمة، وركز على المدرسة العمومية ومحدودية المقاربات البيداغوجية التي تناوبت على إصلاح عجلة التعليم وتطور الاحتياجات التعليمية، إنطلاقا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي ساهم في زحزحة المياه الراكدة في منظومة التربية والتعليم، كتغيير المناهج ،مرورا ببيداغوجيا الأهداف التي ظلت رهينة بتحقيق الأهداف التربوية المسطرة سلفا في تناقض تام مع احتياجات الطفل كمتعلم النفسية وخصوصية المرحلة العمرية، وأيضا ببيداغوجيا الكفايات التي تم تطويرها وتخصيبها ليتم الإشتغال فيما بعد ببيداغوجيا الإدماج، وفي مرحلة لاحقة البيداغوجيا الفارقية، ليخلص إلى نتيجة مفادها أن الأهداف المتوخاة لم تبلغ الأفق المنشودة ،مما ولد لدى البعض رغبة جامحة في العودة إلى المنظومات التقليدية..ومن الأسباب الرئيسية لنكوص هذه المقاربات المختلفة هناك جهلنا بالتلميذ،وعدم امتلاكنا معرفة عالمة عنه نستطيع من خلالها أن نلم بحقائقه الاجتماعية والنفسية كموضوع وكهدف، وقدم العنف باعتباره ظاهرة تحتضن كل القيم حيث تطرق إلى خصائصه الرمزية والمادية، إلى جانب ظواهر أخرى لا تختلف من حيث طبيعتها العنفية، كالهدر المدرسي، والغش، والساعات الإضافية…
“أسئلة المشهد الثقافي في مغرب اليوم” هو عنوان العرض الثالث: ضمن العروض النظرية للجامعة الشتوية، العرض قدمه الأستاذ جمال بوطيب، الكاتب والروائي ،أستاذ التعبير والتواصل بكلية الأداب ظهر المهراز بفاس ،وذلك مساء يوم السبت 2 فبراير على الساعة 3 بعد الزوال ، الأستاذ قام بمقاربة الموضوع من خلال الشروط والمقترحات المساعدة على تحقيق نتيجة ما ، أمام المشهد الثقافي في مغرب اليوم، فالمشهد كمفهوم إما منظرا فرجويا يتحول إلى عمل ثقافي، وهو كذلك مرتبط بالتوجهات المستقبلية لعمل ما،كما أشار الأستاذ بوطيب إلى كون الفاعل الثقافي يسعى الى التأثير في العمل الثقافي، وهذا الفاعل يمكن أن يكون إما فردا وإما مجتمعا، هذا الفاعل هو بمثابة حاجة لا تنفصل عن الأنشطة الإنسانية أهمها المحتوى المعرفي لهذه الثقافة، تجارب، معارف، فكر، منطقة ،أو إقليم، وفي خضم الإشكالية الثقافية هناك فعل ثقافي يرتبط بمجموع محتويات المعرفة، وأشار الأستاذ جمال إلى أهم العوائق والأسئلة التي تقف أمام
المشهد الثقافي في مغرب اليوم ،وهي مرتبطة بمفهوم الزمن أي الماضي، الحاضر والمستقبل، وأهم الأسئلة المحورية هنا نجد: المرجعية، وتكون إما إيديولوجية، أو عقائدية ،أو مظهرية ،وتحدث إلى ضرورة إنتاج مشهد ثقافي متنوع يضم جميع
الثقافات والفنون والجماليات، ودعا إلى إعادة صياغة الأسئلة من جديد مرورا بثلاث مراحل ، مرحلة التقويم، والتصحيح، وصياغة الأسئلة، واعتبار الفعل الثقافي بمثابة سلطة.
وعلى الساعة الخامسة مساء كانت هناك جلسة عامة: حول تقييم “حضور الشعلة في المشهد الثقافي والتربوي ببلادنا” من خلال أرضية عامة طرحها الأخ عبد الحميد لبيلته نائب رئيس الجمعية ،حيث قدم مسارا تعريفيا بمسار الشعلة منذ التأسيس إلى اليوم، ودورها كوسيط في المساهمة في الفعل الثقافي والتربوي في مرحلة أولى، وإنتقالها إلى منتج في مرحلة أخرى من خلال طبع منشورات ومطبوعات وكتب…
ليلة السبت كانت مناسبة لأعمال الورشات:
التي ضمت ثلاث ورشات تتعلق بالعمل التربوي،أطرها الأخ الهادي البهيج وورشة العمل الثقافي، أطرها الأخ عزيز زوكار ورشة العمل الجهوي، أطرها افخوة : جمال فلاح صادق محمد وأشباب محمد، وقد كانت مناسبة للأطر الشعلوية المشاركة بالجامعة في تدقيق البرامج الثقافية والتربوية والتنظيمية الجهوية لجمعية الشعلة بناء على التراكمات المسجلة، وتوصيات المؤتمر العاشر وقرارات أجهزة الجمعية ، حيث جرى تقديم نتائج هذه الورشات صبيحة يوم الأحد 3 فبراير2013 على الساعة التاسعة صباحا، تم تلتها جلسة ختامية تركيبية لتقديم الخلاصات الأساسية من الجامعة الشتوية والنتائج المحققة، وضرورة استثمارها من داخل فروع شبكة الجمعية وطنيا واختتمت أشغال الجامعة على الساعة الثانية بعد الزوال.
أنجز التقرير: جمال فلاح
نائب الكاتب العام