أنشطة رمضان

رمضان 2004… رهانات المغرب .. و أسئلة الشباب

 

رهــانات المغـــرب .. و أسئلــــة الشــباب

بمناسبة شهر رمضان الأبرك، تستعد جمعية الشعلة للتربية والثقافة، عبر مكتبها المركزي وشعبها ومكاتبها الجهوية وفروعها في مختلف مناطق الوطن، إحياء شهر الغفران بتنظيم أنشطة تربوية وثقافية وإبداعية، من خلال ندوات وأمسيات ولقاءات وأنشطة ميدانية، يوجهها موضوع عام)رهانات المغرب وأسئلة الشباب(.

عرف المغرب مع حلول الألفية الثالثة، شأن العديد من الدول، تحولات و انتقالات، تختلف حدتها و قوتها، ووتيرتها، حسب سياقاتها. كما انخرط المغرب بوعي و مسؤولية في دينامية الدمقرطةو التنمية و الإصلاح، و هو انخراط يضعه أمام رهانات متعددة تستدعي تفكيرا هادئا و متبصرا في افقها المستقبلية، رهانات يتقاطع فيها المحلي بالإقليمي بالعالمي، و يتأثر الواحد منها بالآخر بحكم التحولات الكبرى التي يعرفها المشهد العالمي، و التي ما فتئت تلقي بظلالها على ربوع العالم.

ولذلك يعد رهان التنمية أكبر تحد يواجه مغرب اليوم، بحكم ما راكمه من سلبيات الماضي، و بحكم ارتباط هذا الرهان برهانات أخرى تتمثل في إرساء قواعد و أسس دولة الحق و القانون وترسيخ المجتمع الحداثي والديمقراطي، الذي يضمن حقوقالأفراد و الجماعات،من الحق في العيش الكريم، ومن الحق في التعبير والإختلاف….

إن الأمر لا يتعلق هنا فحسب باستكمال الانتقال الديمقراطي، بل بتحقيقهذا المشروعو تأمينه ضمن سياق أوراش كبرى تهم مدونة الأسرة، حقوق الإنسان ، المنظومة التربوية ….

إن ربح رهان التنمية رهبن بانخراط المغاربة بكل شرائحهم و انتماءاتهم فيه، ومن أجل تمكين المغرب من ذلك لابد من طرح قضية الشباب كطاقة فاعلة وكفئة مستهدفة في نفس الوقت. وعندما تثير جمعية الشعلة مسألة الشباب فإنها تشتغل بذلك على ملف سبق وأن طرحت سابقا العديد من إشكالاته في مناسبات عديدة. كما سوف يكون هذا الملف موضوعا لمشاريع مستقبلية. لقد أعلنت الشعلة في ورقة سابقة أن الحديث عن الشباب هو في العمق حديث عن المستقبل، الذي هو صانعه، وهوفي عملية البناء هذه يصارع إكراهات وأزمات حاضره بآليات قد تفتح إمكانات جديدة وإيجابية في المستقبل، أو بآليات قد تعوق فرص التحديث وتحول دون تسريع إيقاع البناء من أجل المستقبل.

لكن وبالرغم من وضوح هذه المعادلة، يعد الشباب، هذه الفئة العمرية من المجتمع، التي تمثل قرابة ثلثي ساكنة المغرب، و ورقة خارج التنمية لعقود طويلة، ينبغي البحث عن ضمان تحويلها لطاقةبشريةقابلةللاستثمار، بحكم قدراتهاالفعلية و الممكنة التي اكتسبها من الجماعات التي ينتمي إليها. كما يعد في الآن نفسه طاقة لا بد من العمل على تثمينها و تعبئتها و تحريرها من كل ضروب الإقصاء و التهميش التي طالتها في مجال العيش الكريم، و مجال التربية و التكوين،و الخدمات الاجتماعية، و إثبات الذات و تأكيدها، وتحريرها كذلك من ظاهرتي البطالة والهجرة

إن تمثلات الشباب، و اهتماماتهم بمصير وطنهم و رهاناته لا تعكس، كما خلص لذلك البحث الاستطلاعي الذي قامت به جمعية الشعلة للتربية والثقافة، ما يروج عن الشباب من تهور و تمرد و لامسؤولية. إن الشباب يحتاج إلى تجديد المرجعيات المجتمعية التي يقع عاتق بلورتها على المؤسسات التي تنهض بمهمة التنشئة الاجتماعية منأسرة ومدرسة و جمعيات و إعلام و أحزابوأندية و دور الشباب.

إن تساؤلات الشباب لابد من أن تؤخذ على محمل الجد، و ذلك أن كل إغفال لها، أو تعامل معها بنوع من اللامبالاة قد بساهم بالدفع بهذه الشريحة الاجتماعية نحو ضروب التطرف و العدمية، أو امتطاء قوارب الموت، أو السقوط في استهلاك المخدرات.

أمام هذا الواقع، و أمام هذه التحديات الكبرى، و في ظل عولمة كاسحة، فإن شبيبتنا مدعوة للمشاركة الفعالة كي تمارس كينونتها و تحقق إنسانيتها و مواطنتها.

تتعدد إذن أسئلة الشباب و تتنوع بين سؤال الهوية و إشكالية القيم،وجودة التعليم، والمشاركة في الحياة العامة ،و تحقيق الذات، و استشراف المستقبل. لذلك نعتقد في الشعلة أن أول خطوة للإجابة عن هذه الأسئلة، و التفكير في المقارباتالممكنة لها، يتمثل في وضوحها وواقعيتها؛ومشاركة الشباب في الجواب عنها، من خلال حوارات ولقاءات وندوات تتمحور في : ــ كيف يفكر الشباب في ذاته و في واقعه؟ــ كيف يستشرف مستقبله؟ــ ما مدى انخراطه في الإصلاحات التي دشنها المغرب؟- كيف ينظر للمشاركة في الحياة العامة؟ــ ما السبيل لتمثل القيم الكونية، حقوق الإنسان، حق التعبير و الحق في الاختلاف، المواطنة… و ترسيخها في المجتمع؟

هذه بعض من التساؤلات التي سيتطارحها الشباب ضمن أخرى، في هذا الشهر العظيم، للمساهمة في تمثل رهانات مغرب اليوم ومغرب الغد ، لإبراز حاجاته ورغباته، وإخراجها من غرف الإنتظار حتى لا يواجه شبابنا مسارات المجهول ، لأن الشعلة مقتنعة أنه لايمكن لأي مجتمع أن يربح رهاناته في الحاضر والمستقبل، في غياب طاقاته الحيوية الشابة ، حيث لابد من إدماج سليم وكامل لشباب المغرب، لكي ينخرط في دينامية التحديث والتنمية لأن مستقبل المغرب هو مستقبل شبابه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى