آخر المستجداتالتكوين والتأهيل

الشعلة تُجدد التزامها المجتمعي بإطلاق مخططها الاستراتيجي في أفق تطوير العمل الجمعوي ضمن برنامج “حوار” الأوروبي

تطوير القدرات من أجل وقع مستدام

في لحظة فارقة من تاريخها الذي يمتد لأزيد من خمسين سنة من العمل التربوي والثقافي، أطلقت جمعية الشعلة للتربية والثقافة مشروع مخططها الاستراتيجي الجديد، وذلك ضمن برنامج “حوار” الممول من طرف الاتحاد الأوروبي، في خطوة نوعية تروم ترسيخ حكامة جديدة داخل الجمعية، وتعزيز أدائها التنظيمي والمؤسساتي، بما يتلاءم مع التحولات المجتمعية ومتطلبات العمل المدني الحديث.

يهدف هذا المشروع الطموح إلى تقوية قدرات الجمعية على مستوى التخطيط، التسيير، التقييم، والترافع، عبر جملة من المحاور المترابطة التي تم تصميمها لتواكب تحديات المرحلة القادمة، وتمنح الجمعية آليات مبتكرة لتأطير عملها وضمان استدامة أثرها التربوي والثقافي على الصعيد الوطني.

من التأسيس إلى التحديث: خمسون سنة من العطاء تتجدد

يتزامن إطلاق هذا المخطط مع مرور نصف قرن على تأسيس جمعية الشعلة، وهي مناسبة رمزية تستحضر مسيرة طويلة من النضال المدني في سبيل التربية والثقافة، وتدفع إلى استشراف المستقبل بمنطق التجديد والتطوير. المشروع إذن ليس فقط ورقة تقنية، بل هو تعبير عميق عن التحول البنيوي الذي تسعى إليه الجمعية في بنيتها التنظيمية وأدوارها المجتمعية.

محاور استراتيجية لتأهيل شامل

يتأسس المشروع على أربعة مكونات مركزية:

  • إعداد مخطط استراتيجي شمولي يحدد الرؤية المستقبلية للجمعية، ويرسم توجهاتها الكبرى خلال السنوات القادمة. هذا المخطط سيمكن الشعلة من وضع أولويات واضحة والعمل على تحقيقها وفق منهج علمي ومنظم.

  • صياغة سياسة حماية شاملة (PEAS)، تُعنى بإرساء بيئة تربوية آمنة ومحترِمة للجميع، خاصة الأطفال والنساء، من خلال إجراءات وقائية ضد كل أشكال العنف والانتهاك والاستغلال.

  • وضع استراتيجية للتواصل والترافع بهدف رفع صوت الجمعية في الفضاء العمومي، وتعزيز تأثيرها في السياسات العمومية ذات الصلة بمجالات تدخلها.

  • إعداد دليل عملي للتقييم والمتابعة يُمكّن من قياس الأثر وضمان فعالية البرامج والمشاريع، ويتيح تطويرها بناءً على نتائج ملموسة.

تكوين القيادات من أجل التغيير

من المرتقب أن تنطلق أولى الدورات التكوينية في إطار هذا المشروع يومي 31 ماي و 01 يونيو 2025 بمركز مولاي رشيد للطفولة والشباب، لفائدة نخبة من أطر الجمعية على المستوى الوطني، وذلك تحت إشراف خبير في مجال التخطيط الاستراتيجي والحكامة الجيدة. هذه الدورات ستوفر للمستفيدين أدوات متقدمة في مجالات التسيير الإداري، التخطيط، الترافع، والتعبئة المجتمعية، بما يضمن امتلاكهم الكفاءة الضرورية لتنزيل المشروع على أرض الواقع.

كما ستواكب هذه الدورات ورشات تطبيقية لتقوية قدرات القيادات التربوية في مجالات تقييم الأداء، تدبير الفرق، واستشراف التحديات المستقبلية.

“حوار”: منصة للشراكة والتأثير

يندرج هذا المشروع في إطار برنامج “حوار”، الممتد من 2023 إلى 2027، والذي يُنفذ من خلال ائتلاف وطني ودولي يضم منظمات مثل هانديكاب إنترناشيونال، جمعية مستقبل أفضل لأطفالنا (AMANE)، ومحامون بلا حدود – المغرب. ويهدف البرنامج إلى دعم منظمات المجتمع المدني المغربي لتكون فاعلة ومؤثرة في صياغة السياسات العمومية، عبر تعزيز الشفافية، الحوكمة، والابتكار الاجتماعي.

هذا الانخراط يمنح جمعية الشعلة فرصة ثمينة للاستفادة من تجارب وخبرات الشركاء، والانفتاح على ديناميات جديدة في التدبير المدني والترافع، ويؤكد مكانتها كفاعل وطني منفتح على المعايير الدولية في مجال الحكامة والتنمية البشرية.

ما يميز هذا المشروع ليس فقط مضمونه التقني والمؤسساتي، بل الرؤية الشاملة التي يحملها: رؤية تتجاوز التسيير اليومي إلى صياغة مستقبل جديد للجمعية، يزاوج بين الوفاء لروح التأسيس والانخراط في تحديات الزمن الرقمي، والانفتاح على قضايا العصر، وعلى رأسها الطفولة، النوع الاجتماعي، والمواطنة التشاركية.

من خلال هذا المشروع، تؤكد جمعية الشعلة التزامها العميق بترسيخ ثقافة الحكامة، وتجديد أدوات اشتغالها، وتعزيز مكانتها كأحد أعمدة المجتمع المدني المغربي. إنها دعوة إلى كل الفاعلين المدنيين والتربويين إلى الإيمان بأن التغيير يبدأ من الداخل، وأن التخطيط الاستراتيجي ليس ترفًا تنظيميا، بل ضرورة لبناء جمعيات قوية، شفافة، وفاعلة في خدمة المجتمع.

وفي ظل هذا الزخم التكويني والتنظيمي، يظل رهان جمعية الشعلة قائما: تكوين جيل جديد من الأطر والمبادرات، القادرة على حمل المشعل نحو مغرب أكثر عدالة، إشراكا، وتربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى