آخر المستجداتالملتقيات الوطنية الثقافيةمخيمات صيفية

8 غشت… الشعلة تطلق ملتقى اليافعين وتبني حصون الثقافة في زمن الاستلاب الرقمي

جيل الشاشة الصغيرة… بين الإبهار والاغتراب

في زمن تندمج فيه العوالم الافتراضية مع تفاصيل الحياة اليومية، لم يعد الهاتف الذكي مجرد أداة، بل صار نافذة يومية تُعيد تشكيل وعي الأطفال واليافعين والشباب. صور ومقاطع ورسائل تتدفق بلا توقف، تسلبهم متعة الاكتشاف البطيء وتضعف تفاعلهم الحي مع محيطهم. لكن وسط هذا السيل الرقمي، هناك من يختار أن يقيم جسوراً نحو الواقع… نحو الثقافة الحية.

أكادير تستقبل فسيفساء مغربية

من 30 مدينة مغربية، جاء أكثر من 200 يافع ويافعة إلى أكادير للمشاركة في الملتقى الوطني لليافعين الذي تنظمه جمعية الشعلة للتربية والثقافة بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسها.
تعدد اللهجات والعادات والمرجعيات شكل لوحة فسيفسائية نابضة بالحياة. وبمجرد انطلاق الفعاليات، ذابت المسافات بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب، ليصبح الحوار العفوي لغة مشتركة.

ورشات تصنع الإبداع لا الاستهلاك

المسرح أطلق العنان للتعبير، الشعر حول الكلمات إلى جسور، القصة القصيرة دربت الخيال على الحكي، والفنون التشكيلية أعادت للألوان بريقها. وفي كل زاوية، كان التفاعل وجهاً لوجه، بعيداً عن الخوارزميات التي تفرض ما نراه على الشاشات.

رأس مال ثقافي واجتماعي

يصف علماء الاجتماع هذه التجربة بأنها إنتاج لرأس مال ثقافي يبقى مع الفرد طيلة حياته، ورأس مال اجتماعي يوسع شبكات الثقة والتعاون. وهذه قيم نادراً ما تُبنى في بيئة رقمية مغلقة تحكمها العزلة.

الملتقى فند الفكرة السائدة عن عزوف الشباب عن الثقافة. الحقيقة أنهم لا ينقصهم الشغف، بل الإطار الجاذب. وحين توفره جمعية بخبرة الشعلة، يتحول الحضور إلى مشاركة، والمشاركة إلى التزام، والالتزام إلى إبداع.

منصة للقيم قبل المنجزات

الحرية، المساواة، العمل الجماعي، احترام الآخر… لم تكن شعارات مرفوعة، بل ممارسات يومية في طريقة اتخاذ القرار وحل الخلافات وتقاسم الأدوار.

الرسالة الأعمق التي خرج بها المشاركون: الإبداع لا يختزل في نشر محتوى على منصة ما، بل في إنتاج فكرة أو عرض أو نص أمام جمهور حقيقي يتفاعل ويصفق. وهذه اللحظة الإنسانية الصادقة لا تُستبدل بعدد من الإعجابات الرقمية.

استثمار في المستقبل

8 غشت في أكادير لم يكن مجرد تاريخ لفعالية شبابية، بل لحظة تؤكد أن الاستثمار في اليافعين هو الاستثمار الأكثر مردودية. فحين نمنحهم الثقافة الحية، نحصنهم من الاستلاب الرقمي، ونمنحهم مفاتيح الإبداع والمواطنة الفاعلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى