أيام الشعلة للطفل

أيام الشعلة للطفل لسنة 2015 /2014… الطفل والتنشئة الاجتماعية

المكتب الوطني لجمعية الشعلة للتربية والثقافة

ينظم

أيام الشعلة للطفل لسنة 2015 /2014

حول موضوع

الطفل والتنشئة الاجتماعية: من الانغلاق على الذات إلى الانفتاح على الآخر…

إن جمعية الشعلة للتربية والثقافة باعتبارها مؤسسة للتنشئة الاجتماعية، وبعد تناولها في السنوات السابقة العديد من المحاور ذات الطبيعة التربوية والحقوقية والبيئية والتي تندرج ضمن سياق التنشئة الاجتماعية، ترى في إطار برنامجها السنوي لهذا العام حول أيام الشعلة للطفل، أنه قد أصبح من واجبها الآن قبل أي وقت مضى، العمل على وضع برنامج وطني في هذا السياق يمكّنها إلى جانب مختلف الفعاليات والمنظمات التربوية المعنية بالموضوع، من العمل على فتح نقاش عميق حول موضوع؛ التنشئة الاجتماعية، في سياق ما أصبح يعرفه العالم اليوم تحت ضغوط قضايا العولمة ومتطلباتها، من تحولات مضطردة وتغيرات متسارعة على مختلف المجالات وسائر الأصعدة.

وبالفعل، فقد أصبحنا على وعي تام بأن عالمنا اليوم أضحى أشبه ما يكون بالنهر الذي لا يمكن أن تسبح فيه مرتين لأن مياها تجري من حولك باستمرار، ولأنك وفي نفس الوقت أنت ولست بأنت، فأنت تتغير أيضا، وباستمرار، لأن فيك خلايا تحيى وخلايا تموت في نفس الآن، وكذا فيك خبرات تحيى وخبرات تموت عاطفيا ووجدانيا. وهكذا فنحن جميعا ندرك أننا نعيش اليوم في عالم متغير متجدد متحول ويجري من حولنا باستمرار. يطال التغيير في هذا العالم مختلف مجالات النشاط البشري مما أصبح يفرض علينا إعادة النظر في دواتنا على ضوء مستوى استيعابنا لمختلف التحولات التي تجري في العالم من حولنا، وكذا في مستوى قدراتنا وإدراكنا لما نتوفر عليه من قابليات تسعفنا في استيعاب مضامين تلك التغيرات وتمكننا من إدماج مختلف مظاهرها ومكوناتها، وإذا كان بناء الشخصية عملية تناط بمهام وأدوار عوامل التنشئة الاجتماعية ووكالاتها بدءا من الأسرة، والمدرسة مرورا بالجمعيات التربوية ومؤسسات دور الشباب، وصولا إلى وسائل الإعلام بمختلف أنواعها…إلخ، ألا يمكن التفكير انطلاقا من هذه الرؤية، في إعادة صياغة نمط التنشئة الاجتماعية السائد في مؤسساتنا المعنية بذلك على ضوء معطيات العصر وإكراهاته الراهنة ومتطلباته المستقبلية؟ إنه الإشكال الذي تتقدم جمعية الشعلة بطرحه للنقاش العمومي المفتوح من خلال الموضوع التالي: التنشئة الاجتماعية؛ من الانغلاق على الذات إلى الانفتاح على الآخر، على أن يأتي ذلك تحت العنوان التالي؛

التنشئة الاجتماعية من الانغلاق على الذات إلى الانفتاح على الآخر

وتحقيقا لهذا الشعار، فإننا في جمعية الشعلة نقترح تصورا للاجتهاد بمثابة أرضية موجهة لتناول الموضوع وإثارة النقاش حوله ووضع البرامج ذات الطبيعة الثقافية والتحسيسية لتناوله فكريا وتجسيده عمليا، وهو تصور يأتي للمساهمة في الرفع من درجة الوعي الجماعي بمدى أهمية تناول موضوع التنشئة الاجتماعية في هذا الظرف الذي يعرف فيه مجتمعنا المغربي كما العالم من حوله تنامي مجموعةمن الظواهر والسلوكيات المنحرفة على المستوى المحلي، ومن توسيع لبؤر التوتر وميادين الفتن والاقتتال على المستوى العالمي، وهو ما يؤشر على وجود خلل عميق في نمط بناء الشخصية والذي تتمظهر آثاره من خلال نماذج من سلوكيات الأفراد والجماعات؛ وبالنظر لتعدد تلك الظواهر واتساع دوائرها محليا وكونيا، فإننا نقترح توجيها لما سيقام على ضوء هذه الأرضية من فعاليات فكرية وأنشطة تحسيسية ميدانية، أنه ينبغي مراعاة التعدد في الفعاليات المشاركة بحيث تتوزع بين مختلف الاختصاصات العلمية والحقول المعرفية ذات العلاقة بعلوم التربية والعلوم الإنسانية من علم نفس وسوسيولوجيا وعلوم قانونية وكذا منظمات حقوقية من مختلف الحساسيات …

وتحقيقا لما حددناه من أهداف في تناول موضوع التنشئة الاجتماعية على ضوء المتغيرات المحيطة، نقترح لذلك مجموعة من المحاور من أجل الاستئناس وفتح آفاق النقاش العمومي في مختلف البرامج والأنشطة التي ستقيمها الجمعية على مدار السنة والتي ستنصب على موضوع السنة المتضمن في الشعار المعلن سابقا؛ وهذه المحاور هي كالتالي:

1 / ما التنشئة الاجتماعية؟ وهل يمكن التحكم في آلياتها وتوجيه أدوارها؟ لا شك أننا غالبا ينصرف فهمنا الأولي للتنشئة الاجتماعية إلى أنها عملية تطبع وتطبيع اجتماعي من أجل بناء شخصية متوافقة مع قيم ومتطلبات المجتمع الذي تنتمي إليه. وهو ما يحلينا إلى الدلالة السلبية لمفهوم التنشئة الاجتماعية كما هو سائد.

إلا أن أحد الباحثين يقربنا من التعريف الذي ننوي مقاربته بهذه المناسبة، إذ يعتبر أن التنشئة الاجتماعية هي العملية التي يتم من خلالها التوفيق بين دوافع ورغبات الفرد الخاصة، وبين مطالب واهتمامات الآخرين المتمثلة في البناء الثقافي الذي يعيش فيه الفرد ،ولذلك فإن مسايرة الناشئ لمطالب واهتمامات الآخرين هو الأسلوب الذي يتبعه لحل الصراع بينه وبينهم، وفي النهاية يصير الفرد أكثر قابلية للتطبع تخفيفا للصراع من الهدف المحرم إلى الهدف المقبول، وإلى الاستخدام الأمثل للأساليب الشائعة في المجتمع.

وفي هذا النمط من أساليب التنشئة الاجتماعية يقوم المجتمع بدور رئيسي في ترسيخ وتقوية صنف أو أصناف معينة من النماذج السلوكية التي يرغب فيها ما دامت تتوافق مع قيمه ومقومات حضارته الثقافية والاجتماعية…على أن هذا يضعنا أمام خلط بين مجموعة من المفاهيم المتناقضة في ما بينها، والتي تحتاج منا إلى تفكيك لخلخلة مضامينها وفرز منها ما يساير المتغيرات المعاصرة حقوقيا وثقافيا واجتماعيا، ومن بين هذه المفاهيم نجد أنه غالبا ما يتم الخلط بين التنشئة الاجتماعية، والتطبيع، والخضوع أو الإخضاع، والتثاقف..فبعض هذه المفاهيم لا يناسب المرجعيات الحقوقية التي تتحدث اليوم عن مفهوم قيمي جديد هو “المواطنة العالمية” بما يعني توحيد القيم الوجدانية والانفتاح المتبادل بين شعوب العالم في ظل عولمة كاسحة تتجه إلى وضع الإنسانية بأكملها ضمن مصير مشترك واحد. ولعل ذلك هو ما يدفعنا إلى التفكير في إمكانية عولمة التنشئة الاجتماعية بالربط في ممارساتها بين المحلي والكوني ضمن ما يمكن أن يصطلح عليه بـ”عالمية التنشئة الاجتماعية”.

2 ـ عالمية التنشئة الاجتماعية؛ أو التنشئة الاجتماعية المعولمة؛ إن أي حديث عن التنشئة الاجتماعية بهذا المعنى المعولم، لابد من وجهة نظرنا، أن ينطلق من أسئلة محورية وهي كالتالي؛ ما هو المجتمع الذي نريد تحقيقه في ظل أوضاع محلية وكونية سريعة التحول وشديدة التغيير؟ ووفق أي تصور نظري وتأطير فكري نقوم بالعمل على تكوين و إعداد الأجيال للمستقبل الذي ينتظرهم؟ ولمقاربة هذه الأسئلة الكبرى نقترح المنطلقات التالية؛

ـ إن ما نسعى إليه اليوم من تطلع لتغييرات في النسيج المجتمعي لا ينبغي أن ننطلق في إعداد بنائه من خلال ممارسات التنشئة الاجتماعية وانكفائها أكثر على ما مضى من زمن وعلى الراهن منه، وإنما ينبغي اعتبار اللحظة من الزمن الراهن مجرد منطلق ومحطة للتأسيس، ويبقى من المهم أن نتوجه بالناشئة إلى المستقبل وما سيكون عليه غدهم الذي يتوجهون إليه.

ـ في سياق العولمة، يتجه العالم الى نوع من الاندماج الثقافي لدى مجتمعات الغد، وهو ما سيطرح بعض الصعوبات بالنظر لما بين الثقافة العالمية والثقافة المحلية من اختلاف وتباعد، وهو صراع تقليدي مألوف بين المحافظة والحداثة، بين الأصالة والمعاصرة، بين التقليد والتجديد، وهذا ما يضعنا أمام الكثير من التساؤلات التي تحتاج منا إلى تفكير؛ هل علينا أن نقوم بعملية التنشئة الاجتماعية سيرا على نفس النهج بدون مراعاة لتلك التحديات؟ وإذا كنا اليوم نستشعر ثقل ما يطوقنا من تحديات وما يحوم حولنا من إكراهات في سبيل قيامنا بمهمة التنشئة الاجتماعية، فهل بإمكاننا تحديد طبيعة تلك التحديات التي تواجهنا أو نواجهها؟ ما طبيعة هذه التحديات؟ هل هي تحديات نابعة من دواتنا كأفراد ومجتمع؟ أم هي تحديات نابعة من مصادر خارجية؟ أم أنها تحديات متداخلة؟ هل بإمكاننا التفكير في أساليب عمل ناجعة نتجاوز بها تلك التحديات ونتغلب بها على تلك الصعوبات من أجل تحقيق تنشئة سليمة ومتوازنة لأجيالنا في المستقبل؟

وهكذا فعلى ضوء محاور هذه الأرضية التي وضعت لطرح تصور حول التنشئة الاجتماعية نقترح على الإخوة مقاربة الأسئلة التالية؛

1 / التنشئة الاجتماعية؛ مقاربات سيكلوجية وسوسيلوجية وتربوية.

هل في تعدد المقاربات تعارض واختلاف، أم تكامل وائتلاف؟

2 / أي إشكال يطرحه موضوع التنشئة الاجتماعية في مواجهة العولمة؟ هل العولمة نفي للخصوصية وتجاوز لها؟ أم هي عامل إغناء للخصوصية وارتقاء لها؟ كيف يمكن تحقيق الاندماج الثقافي لدى مجتمعات الغد في ظل التعارض القائم بين المحلي والكوني لدى معظم المجتمعات؟

3 / ألم يعد من الضروري تحقيق التكامل بين كل من الأسرة والمدرسة والإعلام من أجل بناء شخصية نامية متوازنة ومتوافقة جسميا ونفسيا وعقليا مع واقعها المحلي في ارتباط تام بامتداد تفاعلات هذا الواقع مع ما هو كوني؟ كيف نعد الناشئة لمعرفة كيفية التعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات والمعارف التي تتقاطر عبر عدد متصاعد من القنوات السائبة ومواقع الويب غير المحصنة، ومختلف مجالات التواصل الافتراضي عبر الشبكة العنكبوتية؟

4 / ما العمل لتحقيق الانسجام والتكامل بين الإطار النظري للتنشئة الاجتماعية وتطبيقاتها العملية الميدانية؟ ألا يستدعي تحقيق ذلك إعادة النظر في المناهج المعتمدة من طرف القطاعات الحكومية المعنية بتكوين المربين وأطر التنشيط التربوي.

5 / أي دور يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني في تحديث عملية التنشئة الاجتماعية؟ ألا يمكن أن تلعب دور الشباب والمخيمات الصيفية والمؤسسات التعليمية دورا رئيسا في عولمة التنشئة الاجتماعية عبر إعدادها لأجيال الغد من أبناء مجتمعنا المغربي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى